السؤال.. سؤالي هو: ما هي الشرو ط التي يجب أن تتوفر في الشخص حتى يكون طالب علم شرعي. فقد انتشرت هذه التسمية كثيرا في مدينتي وأطلقت على أشخاص معينين، ويسألهم الناس ويستفتونهم حتى في مسائل النوازل الحادثة.
وللأسف هؤلاء الأشخاص ملمين ببعض المسائل الشرعية البسيطة فقط ولكن بالنسبة للعلوم الشرعية من علوم القرآن والحديث، الفقه وأصوله، والمتون وأقوال المذاهب، وعلوم اللغة فلا يعرفونها.
فتراهم يحفظون بعض الأجزاء من كتاب الله وبعض الأحاديث المشهورة وبعض مسائل الفقه المتداولة بين الناس، حتى اللغة العربية لا يعرفون منها شيئا ولا أصول الفقه. وهؤلاء أعرف حالهم من سنين طويلة وهم على هذا الحال حتى لم يطلبوا العلم عند العلماء ولا حتى المعاهد العلمية الشرعية وأكثرهم ليس عنده تحصيل أكاديمي سوى الثانوية العامة.
وبعضهم دبلوم في غير الشريعة الإسلامية وترى الناس مغرورين بهم يشترون لهم الكتب الإسلامية، وبعضهم يعطينهم الكفالات المالية لأن بعضهم بلا عمل بحجة أنه يطلب العلم من سنين طويلة.
وبعضهم عكف على تأليف الكتب الشرعية يأخذ من أقوال العلماء في المسائل التي تكلموا بها مثلا في مسألة المبتدعة أو الصيام ويجعلها مؤلفا له. كما اشتهر عند البعض من المحسوبين على العلم ومنهم من يحسن الخطابة في بعض المسائل فقط.
ومعظم خطبهم مكررة في نفس الموضوع.حتى إن منهم يطلب من البعض أن يقدموه في المجالس بأنه طالب علم والذي عنده سؤال يسأل. فأرجوا أن تفيدونا لخطورة هذا الأمر وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة طالب العلم يختلف مدلولها باختلاف المقصود بها؛ فبعض الناس يطلقها على من حصل قدرا من العلم أو من له أهليه لطلب العلم الشرعي وهو مشتغل به..
وفي اصطلاح المحدثين أن كل من بدأ في طلب الحديث ولم يصل فيه إلى مرتبة الشيخ أو الإمام.. يسمى طالبا.
قال العلوي الشنقيطي في غرة الصباح:
وراغب مبتدئ ذو الطلب والشيخ كالإمام في ذا المذهب
يعني أن الطالب عند المحدثين : هو من رغب في فن الحديث وبدأ في طلبه وتعليمه وحفظه.. ولم يصل فيه إلى مرتبة الشيخ التي هي كمرتبة الإمام.
وأما من يفتي في شرع الله فلا بد أن يكون عالما بالمسألة التي يفتي فيها بدليلها أو يكون ناقلا لها عن إمام معتبر.
فقد قال ابن القيم في إعلام الموقعين عند كلامه على شروط الإفتاء عند العلماء وحكم فتوى المقلد:والقول الثالث أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم العالم المجتهد، وهو أصح الأقوال وعليه العمل؛ قال القاضي: ذكر أبو حفص في تعاليقه قال سمعت أبا علي الحسن بن عبد الله النجاد يقول: سمعت أبا الحسين بن بشران يقول: ما أعيب على رجل يحفظ عن أحمد خمس مسائل استند إلى بعض سواري المسجد يفتي بها.
ولذلك فإذا علم المسلم حكم مسألة من الشرع -ولو كان مقلدا لإمام معتبر- جاز له أن يفتي من سأله عنها، وربما وجب عليه ذلك إذا لم يجد السائل غيره، وانظر الفتوى: 59501. ولمعرفة شروط وصفات المؤهل للفتوى انظر الفتوى: 176935.
أما إذا كان يفتي فيما لا يعلم فإنه يقول على الله بغير علم، والقول على الله بغير علم قرين الشرك -والعياذ بالله- فقد قال الله تعالى:قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.
وسبق أن بينا شروط الفتوى وضوابطها ومواصفات المفتي والمستفتي وما يتعلق بذلك من أحكام في الفتاوى التالية أرقامها :12347 ، 16518 ، 14585 ، 25069 ، 29646 ، 37990 . نرجو أن تطلع عليها و على ما أحيل عليه فيها للمزيد من الفائدة .
والله أعلم.
المصدر: موقع إسلام ويب